أرشيف

سلوى وسليم.. قصةُ حُبٍّ  اشتعلت ناراً

تعرفا على بعض في المدرسة ومنذ سنوات الدراسة الأولى نشأت بين الفتى المعاق في قدمه والمتفوق أيضا(سليم) والفتاة المهذبة المتفوقة(سلوى) علاقة إعجاب ما برحت أن تحوّلت إلى علاقة حب وهما في المرحلة الثانوية على الرغم من أن للبنات مدرسة خاصة بهن؛ لكن القسم العلمي الذي اختاره الطرفان كان كفيلاً بأن يظلا متواصلين دراسيا كونهما في فصل دراسي واحد. أسرة الفتى والفتاة كانا يعلمان بالتواصل العلمي بينهما ولكنهما لم يعرفا- بعد- حكاية قلبيهما اللذين صارا يخفقان بحب لا تسعه التلال والهضاب المجاورة، كان سليم وسلوى يلتقيان خلسة من أهلهما بعيدا عن العيون، لكن حكاية الحب التي نسجاها وما يعتمل في عيونهما من لوعة وحنين صار محل شك لدى البعض. ذات مرة أثار فضول أحد الشباب وهو يرى ورقة تُرمى من نافذة منزل سلوى وفجأة يجد سليم يخرج من جوار المنزل!!! ظل ذلك الشاب يرقبهما بحذر حتى ضبطهما بعيدا إلى جوار بعضهما.. نقل الخبر إلى الجميع حتى صار الجميع يعرف القصة وكثيرا ما كانت الفتيات تعيَّر سلوى بأنها تحب شخص معاق لكنها كانت ترد عليهن بقوة الواثقة من نفسها دون خوف. قرر الحبيبان أن يأتيا البيوت من أبوابها.. صارح سليم أمه بما يُعتمل في صدره فذهبت إلى منزل سلوى طالبة يدها من أهلها فردت عليها الأم بسخرية؛ كون ابنها يتيم ومعاق في نفس الوقت. عادت الأم خائبة منكسرة ولم تتحدث مع ابنها بشيء.. طرحت الأم على ابنتها الأمر.. تفاجأت الأم بموافقة ابنتها فحاولت أن تبعد ذلك عنها لكن الفتاة لم تزداد إلا ثباتا على موقفها، عرف الأب بما يجري فحاول أن يثني ابنته بالترغيب تارة وبالترهيب لكنها لم تستكن.. منعها من الذهاب إلى المدرسة لكنها ظلت متمسكة بموقفها.. وظلت تلتقي بحبيبها وتتجاذب معه أحاديث الحب من جهاته الأربع .. هذا السلوك جعل من أمها مُصِّرة على أن  ابنتها نالها شيء من أعمال  المشعوذين.. وسرت بين الجيران شائعة مصدرها الأم بأن سليم ذهب لأحد المشعوذين كي يعمل له عملا يظفر من خلاله بقلب سلوى.. وحصل شجار قوي بين والدة سليم ووالدة سلوى.. لكن سلوى وسليم لم يأبها للأمر..حتى قرر والد سلوى الموافقة على طلب ابن خال سلوى الذي كان قد تقدم لها ورفض طلبه من قبل .. لكن سلوى رفضت الأمر وهددت – إن أقدم والداها على التنفيذ- بحرق نفسها.. لكن والديها استمرا في الترتيب للزفاف ولم يعبِّرا تهديدها ولم يعطيا سلطان الحب الذي حفر له مسكنا في قلب ابنتهما أي اهتمام ..سلوى التي لم تتخيل نفسها إلاّ عروساً في حضن "سليم" دخلت في ليلة الزفاف الحمام وفي يدها (دبة) صغيرة مملؤة بالبنزين لتصبه على جسدها وتشعل النار بعد أن أغلقت الباب بإحكام وظلت تحترق دون أن تصدر منها كلمة واحدة، ولم يتمكن مَنْ حضر لإنقاذها من الوصول إليها إلا وهي متفحمة.

عندما عرف سليم بما حصل لزم غرفته الصغيرة يوميين متتاليين صائماً عن الكلام والطعام والشراب لا يرد على توسلات أمه.. وفي اليوم الثالث خرج من المنزل ليذهب إلى المكان الذي قُبرت فيه سلوى ويظل جاثماً على قبرها ، وقبل الأصيل صبَّ على جسده البنزين وظل يحترق حتى شاهد أهل القرية كتلة من اللهب فهرعوا إلى المكان وعند وصولهم.. كان سليم قد  رمى بنفسه من شاهق ليستقر جثة متفحمة في قُعر الوادي.. مخلفا وراءه قصة حب مازال يتداولها أهالي  إحدى قرى محافظة (تعز) حتى الآن.

زر الذهاب إلى الأعلى